فصل: قال نظام الدين النيسابوري في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو حيان في الآيتين:

{يا أيها النبيّ حرّض المؤمنين على القتال}.
هاتان الجملتان شرطيّتان في ضمنهما الأمر بصبر عشرين لمائتين وبصبر مائة لألف ولذلك دخلها النسخ إذ لو كان خبرًا محضًا لم يكن فيه النسخ لكنّ الشرط إذا كان فيه معنى التكليف جاز فيه النّسخ وهذا من ذلك ولذلك نسخ بقوله: {الآن خفف الله عنكم} والتقييد بالصبر في أول كلّ شرط لفظًا هو محذوف من الثانية لدلالة ذكره في الأولى وتقييد الشرط الثاني بقوله: {من الذين كفروا} لفظًا هو محذوف من الشرط الأول في قوله: {يغلبوا مائتين} فانظر إلى فصاحة هذا الكلام حيث أثبت قيد من الجملة الأولى وحذف نظره من الثانية وأثبت قيد في الثانية وحذف من الأولى ولما كان الصبر شديد المطلوبيّة أثبت في أولى جملتي التخفيف وحذف من الثانية لدلالة السابقة عليه ثم ختمت الآية بقوله: {والله مع الصابرين} مبالغةً في شدّة المطلوبيّة ولم يأتِ في جملتي التخفيف قيد الكفر اكتفاءً بما قبل ذلك وتظاهرت الروايات عن ابن عباس وغيره من الصحابة أنّ ثبات الواحد للعشرة كان فرضًا لما شقّ عليهم انتقل إلى ثبات الواحد للاثنين على سبيل التقرّب أيضًا، وسواء كان فرضًا أم ندبًا هو نسخ وقول من قال: إنه تخفيف لا نسخ كمكي بن طالب ضعيف.
قال مكي: إنما هو كتخفيف الفطر في السفر ولو صام لم يأتم وأجزأه ومناسبة هذه الأعداد أنّ فرضيّة الثبات أو نديبته كان أولًا في ابتداء الإسلام فكان العشرون تمثيلًا للسرية والمائة تمثيلًا للجيش فلما اتسع نطاق الإسلام وذلك بعد زمان كان المائة تمثيلًا للسّرايا والألف تمثيلًا للجيش وليس في أمره تعالى نبيه بتحريض المؤمنين على القتال دليل على ابتداء فرضية القتال بل كان القتال مفترضًا قبل هذه الآية وإنما جاءت هذه حثًّا على أمر كان وجب عليهم ونصّ تعالى على سبب الغلبة بأن الكفار قوم لا يفقهون، والمعنى أنهم قوم جهلة يقاتلون على غير احتساب وطلب ثواب كالبهائم فتفل نياتهم ويعدمون لجهلهم بالله نصرته فهو تعالى يخذلهم وذلك بخلاف من يقاتل على بصيرة وهو موعود من الله بالنصر والغلبة.
وعن ابن جريج: كان عليهم أن لا يفرّوا ويثبت الواحد للعشرة، وكان رسول لله صلى الله عليه وسلم قد بعث حمزة في ثلاثين راكبًا فلقي أبا جهل في ثلاثمائة راكب، قيل ثم ثقل عليهم ذلك وضجّوا منه وذلك بعد مدّة طويلة فنسخ وخفّف عنهم بمقاومة الواحد للاثنين، وقال بعض العلماء الذي استقرّ حكم التكليف عليه بمقتضي هذه الآية إنّ كل مسلم بالغ وقف بإزاء المشركين عبدًا كان أو حرًّا فالهزيمة عله محرّمة ما دام معه سلاحه يقاتل به فإن كان ليس معه سلاح فله أن ينهزم وإن قابله ثلاثة حلّت له الهزيمة والصبر أحسن، وروى البيهقي وغيره: أنّ جيش مؤتة وكانوا ثلاثة آلاف من المسلمين وقفوا لمائتي ألف مائة ألف من الروم ومائة ألف من الأنباط وروي أنهم وقفوا لأربعمائة ألف والأوّل هو الصحيح وفي تاريخ فتح الأندلس أن طارقًا مولى موسى بن نصير سار في ألف رجل وسبعمائة رجل إلى الأندلس وذلك في رجب سنة ثلاث وتسعين من الهجرة فالتقى هو وملك الأندلس لذريق وكان في سبعين ألف عنان فزحف إليه طارق وصبر له فهزم الله الطاغية لذريق وكان الفتح انتهى وما زالت جزيرة الأندلس تلتقي الشرذمة القليلة منهم بالعدد الكثير من النصارى فيغلبونهم، وأخبرنا من حضر الوقعة التي كانت في الديموس الصغير على اثني عشر ميلًا من مدينة غرناطة سنة تسع عشرة وسبعمائة وكان المسلمون ألفًا وسبعمائة فارس من الأندلسيين والبربر وكان النصارى مائة ألف راجل وستين ألف رامٍ وخمسة عشر ألف فارس بين رامٍ ومدرّع فصبروا لهم وأسروا أكابرهم وقتلوا ملك قشتالة دون جوان ونجا أخوه دون بطر مجروحًا وكان ملوك النصارى ملك قشتالة المذكور وملك إفرنسة وملك يوطقال وملك غلسية وملك قلعة رباح قد خرجوا عازمين على استئصال المسلمين من الجزيرة فهزمهم الله.
قال الزمخشري: (فإن قلت): لم كرر المعنى الواحد وهو مقاومة الجماعة لأكثر منها مرتين قبل التخفيف وبعده.
(قلت): للدلالة على أن الحال مع القلة والكثرة واحدة ولا تتفاوت لأن الحال قد تتفاوت بين مقاومة العشرين للمائتين والمائة للألف فكذلك بين المائة للمائتين والألف للألفين انتهى، ومعنى {بإذن الله} بإرادته وتمكينه وفي قوله: {والله مع الصابرين} ترغيب في الثبات للقاء العدوّ وتبشير بالنصر والغلبة لأنه من كان الله معه هو الغالب، وقرأ الأعمش حرص بالصاد المهملة وهو من الحرص وهو قريب من قراءة الجمهور بالضّاد، وقرأ الكوفيون {يكن منكم مائة} على التذكير فيهما ورواها خارجة عن نافع، وقرأ الحرميان وابن عامر على التأنيث، وقرأ أبو عمر وعلى التذكير في الأول ولحظ يغلبوا والتأنيث في الثانية ولحظ {صابرة}، وقرأ الأعرج على التأنيث كلها إلا قوله: {وإن يكن منكم ألف} فإنه على التذكير بلا خلاف، وقرأ المفضل عن عاصم وعلم مبنيًّا للمفعول، وقرأ الحرميان والعربيّان والكسائي وابن عمر والحسن والأعرج وابن القعقاع وقتادة وابن أبي إسحاق {ضعفًا} وفي الرّوم بضمّ الضاد وسكون العين وعيسى بن عمر بضمّهما وحمزة وعاصم بفتح الضاد وسكون العين وهي كلها مصادر، وعن أبي عمرو بن العلاء ضمّ الضاد لغة الحجاز وفتحها لغة تميم، وقرأ ابن القعقاع {ضعفًا} جمع ضعيف كظريف وظرفاء وحكاها النّقّاس عن ابن عباس، فقيل الضّعف في الأبدان، وقيل في البصيرة والاستقامة في الذين وكانوا متفاوتين في ذلك، وقال الثعالبي الضّعف بفتح الضّاد في العقل والرأي والضعف في الجسم، وقال ابن عطية وهذا قول تردّه القراءة انتهى. اهـ.

.قال نظام الدين النيسابوري في الآيات السابقة:

{وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50)} إلى قوله تعالى: {الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66)}
التفسير: لما شرح أحوال هؤلاء الكفار في حياتهم شرح أحوالهم حين وفاتهم. وجواب لو محذوف، وترى في معنى الماضي الخاصية لو، وكذا {يتوفى} لخاصية إذ وإذ نصب على الظرف قاله في الكشاف. ويمكن أن يكون مفعولًا به والمعنى لو رأيت أو عاينت أو شاهدت وقت قبض الملائكة أرواح الكفار لرأيت أمرًا فظيعًا.
{يضربون وجوههم وأدبارهم} قال مجاهد: يريد بالأدبار الأستاه ولكن الله كريم يكني. وفي تخصيص العضوين بالضرب نوع من الخزي والنكال. وعن ابن عباس: المراد ما أقبل منهم وما أدبر. وذلك أن المشركين كانوا إذا أقبلوا بوجوههم إلى المسلمين ضربوا وجوههم بالسيف. وإذا ولّوا ضربوا أدبارهم فلا جرم قابلهم الله بمثله في وقت خروج أرواحهم. ومعنى {عذاب الحريق} مقدمة عذاب النار أو عذاب النار نفسها في الآخرة تبشيرًا لهم بذلك.
وعن ابن عباس أن معهم مقامع من حديد كلما ضربوا بها التهبت النار. قوله: {ذلك بما قدمت أيديكم} الآية قد مر تفسيرها في آخر آل عمران، ويحتمل أن يكون هنا حكاية كلام الملائكة. ولما بين سبحانه ما أنزله بأهل بدر من الكفار عاجلًا أم آجلًا ذكر أن هذه سنة في فرق الكفرة كلهم فقال: {كدأب آل فرعون} يريد أن عادتهم وعملهم الذي داموا عليه كعادة آل فرعون فجوزي هؤلاء بالقتل والسبي كما جوزي أولئك بالإهلاك والإغراق. ثم ذكر ما يجري مجرى العلة في العقاب الذي أنزله بهم فقال: {ذلك بأن الله لم يك} حذف النون لكثرة الاستعمال. ومعنى الآية أن ذلك العذاب أو الانتقام بسبب أن الله لم يستقم في حكمته وتدبيره أن يغير {نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما} بهم من الأحوال والأخلاق. والغرض أن آل فرعون ومشركي مكة قد فتح الله عليهم أبواب الخيرات وأزال الموانع وسهل السبل ومنّ عليهم بإنزال الكتب وإرسال الرسل، ثم إنهم قابلوا هذه النعم بالكفر والفسوق والعصيان فلا جرم استحقوا تبديل النعم بالنقم والمنح بالمحن {وأن الله سميع} للأقوال {عليم} بالأحوال فيجزي كل فريق بما يستأهله. ثم ذكر مرة أخرى قوله: {كدأب آل فرعون} وفي التكرير بعد التأكيد فوائد استنبطها العلماء منها أن الثاني كالتفصيل للأول لأن الإغراق كالبيان للأخذ بالذنوب. ومنها أن الأول لعله في حال الموت والثاني لما بعد الموت. قلت: ويشبه أن يكون بالعكس لأن الإهلاك والإغراق بحال الموت أنسب. ومنها أن الأول إخبار عن عذاب لم يمكن الله أحدًا من فعله وهو ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند نزع أرواحهم. والثاني إخبار عن عذاب مكن الناس من فعل مثله وهو الإهلاك والإغراق. ومنها أن المراد في الأول {كدأب آل فرعون} فيما فعلوا وفي الثاني {كدأب آل فرعون} فيما فُعل بهم فهم فاعلون في الأول ومفعولون في الثاني. ومنها أن المراد بالأول كفرهم بالله، وبالثاني تكذيبهم الأنبياء لأن التقدير: كذبوا الرسل برد آيات ربهم. ومنها أن يجعل الضمير في {كفروا} و{كذبوا} لكفار قريش أي كفروا بآيات الله كدأب آل فرعون، وكذبوا بآيات ربهم كدأب آل فرعون. ومنها أن الأول إشارة إلى أنهم أنكروا دلائل الإليهة فكان لازمه الأخذ، والثاني إشارة إلى أنهم أنكروا دلائل التربية والإحسان فكان لازمه الإهلاك والإغراق. ثم ختم الآية بقوله: {وكل كانوا ظالمين} أي وكل واحد من غرقى القبط وقتلى قريش وممن قبلهم من الكفرة كانوا ظالمي أنفسهم بالكفر والمعاصي، وظالمي غيرهم بالإيذاء والإيحاش، فلا جرم دمرهم الله بسبب ظلمهم.
ثم خص من الظلمة سرهم فقال: {إن شر الدواب} الآية. جعلهم شر الدواب لأن شر الناس الكفار وشر الكفار المصرون منهم وأشار إلى هذا بقوله: {فهم لا يؤمنون} وشر المصرين الناكثون للعهود وأشار إليهم بقوله: {الذين عاهدت منهم} ومن للتبعيض ومفعول {عاهدت} محذوف أي الذين عاهدتهم وهم بعض أولئك الكفرة يعني الأشراف الذين معهم تليق المعاهدة {ثم ينقضون} عطف المستقبل على الماضي لفائدة الاستمرار وأن من شأنهم نقض العهد {في كل مرة} من مرات المعاهدة.
ومعنى ثم تبعيد النقض عن المعاهدة. قال ابن عباس: هم بنو قريظة نقضوا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعانوا عليه المشركين بالسلاح يوم بدر وقالوا: قد نسينا وأخطأنا ثم عاهدهم فنكثوا وأعانوا عليه يوم الخندق {وهم لا يتقون} عاقبة الغدر وما فيه من العار والنار. ثم أمر رسوله بالمخاشنة معهم والغلظة عليهم جزاء على قبح فعلهم وسوء عقيدتهم فقال: {فأما تثقفنهم} تصادفنهم وتظفرن بهم في الحرب {فشرد بهم من خلفهم} والتشريد التفريق مع الاضطراب أي ففرق عن محاربتك من وراءهم. وقال عطاء: معناه أكثر فيهم القتل حتى يخافك غيرهم. والضمير في {لعلهم يذكرون} لمن خلفهم لأنه إذا نكل بالناكثين وقتلهم شر قتلة لن يجسر عليه أحد بعدهم اتعاظًا بحالهم: {وإما تخافنّ من قوم} معاهدين {خيانة} ونكثًا بأمارات تلوح لك {فانبذ إليهم} فاطرح إليهم العهد {على سواء} على طريق مستوٍ قصد أي أخبرهم أخبارًا مكشوفًا بينًا أنك قطعت ما بينك وبينهم ولا تناجزهم الحرب وهم على توهم بقاء العهد فيكون ذلك خيانة منك. وقيل: على استواء في العلم بنقض العهد. وقيل: على استواء في العداوة. قال في الكشاف: الجار والمجرور في موضع الحال كأنه قيل: فانبذ إليهم ثابتًا على طريق قصد سوي، أو حاصلين على استواء في العلم، أو العداوة على أنها حال من النابذ والمنبوذ إليهم معًا. قلت: ويحتمل أن يكون حالًا من المنبوذ أي حال كون المنبوذ وهو العهد واقعًا على طريق واضح فيكون كناية عن تحقير شأن العهد إذ ذاك، أو عن انكشاف حاله في النبذ. قال أهل العلم: إن آثار نقض العهد إذا ظهرت فإما أن تظهر ظهورًا محتملًا أو ظهورًا مقطوعًا به. فإن كان الأول وجب الإعلام به كما هو مذكور في الآية. وذلك أن قريظة عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم ثم أجابوا أبا سفيان ومن معه من المشركين إلى مظاهرتهم على رسول الله صلى الله عليه وآله خوف الغدر منهم به وبأصحابه فههنا يجب على الإمام أن ينبذ إليهم على سواء ويؤذنهم بالحرب، أما إذا ظهر نقض العهد ظهورًا قطعيًا فلا حاجة إلى نبذ العهد إليهم كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل مكة لما نقضوا العهد. ثم بيّن حال من فاته يوم بدر ولم يتمكن من التشفي منه والانتقام كيلا يبقى حسرة في قلبه فقد كان فيهم من بلغ في أذيته مبلغًا عظيمًا فقال: {ولا يحسبن} من قرأ بتاء الخطاب فمفعوله الأول {الذين كفروا} وثانيه {سبقوا} أي فاتوا وأفلتوا من أن يظفر بهم {إنهم لا يعجزون} كل من المكسورة والمفتوحة تعليل له إلا أن المكسورة على طريقة الاستئناف كأن سائلًا سأل ما لهم لا يحسبون سابقين؟ فأجيب بما أجيب.
والمفتوحة تعليل صريح والجار محذوف أي لأنهم يعجزون الله من الانتقام منهم ولا يجدون طالبهم عاجزًا عن إدراكهم. أو عجزت فلانًا وعجزته جعلته أو وجدته عاجزًا. والمراد لا تحسبنهم أنهم لما تخلصوا من الأسر والقتل يوم بدر فقد تخلصوا من العقاب عاجلًا أم آجلًا. ومن قرأ بالياء التحتانية تذكر فيه وجوهًا منها أن فاعله {الذين كفروا} ومفعولاه {سبقوا} على أن الأصل أن سبقوا فحذفت أن كقوله: {ومن آياته يريكم البرق} ويؤيده قراءة ابن مسعود أنهم سبقوا. ومنها أن الفعل وقع على أنهم لا يعجزون على أن لا صلة وسبقوا في موضع الحال. ومنها أن المفعول الأول محذوف للعلم به والتقدير لا يحسبنهم أو لا يحسبن أنفسهم الذين كفروا وسبقوا. ومنها أن فاعله محذوف أي لا يحسبن قبيل المؤمنين الذين كفروا سبقوا. ثم إنه لما أنفق لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قصة بدر أن قصدوا الكفار بلا آلة وعدة، أمرهم أن لا يعودوا لمثله ويتأهبوا لقتال الأعداء فقال: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} عن عكرمة: هي الحصون. وعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية على المنبر ثم قال: إلا إن القوة الرمي قالها ثلاثًا ومات عقبة عن سبعين قوسًا في سبيل الله والأصح أنها عامة في كل ما يتقوى به في الحرب من آلة وعدّة. وقوله صلى الله عليه وسلم: «القوة الرمي» كقوله: «الحج عرفة» وفيه تنبيه على أن المذكور جزء شريف في جملة المقصود {ومن رباط الخيل} هو اسم للخيل التي تربط في سبيل الله الخمس فما فوقها. ويجوز أن يكون جمع ربيط كفصال وفصيل، والظاهر أنه بمعنى المرابط. ويجوز أن يكون قوله: {ومن رباط الخيل} تخصيصًا للخيل من بين ما يتقوّى به كقوله: {وجبريل وميكائيل} فلا ريب أن ربط الخيل من أقوى آلات الجهاد.